موقع الأديب خضر محجز
إزالة الصورة من الطباعة

على هامش كلمة فلسطين أمس

على هامش كلمة فلسطين أمس


"سنصمد. وسيكون صمودنا قراراً عربياً: في البداية سيتخاذل الصغار، وسيخوننا بعضهم، لكننا سنقاتل، سنقاتل وحيدين في البداية، وسنصمد حتى نفرض تغيير ما رآه الصغارُ النتيجة، سنصمد إلى أن يرى صغار الخائنين أنهم تعجلوا، سنقاتل إلى أن يرجونا السماح لهم بأن يلحقوا بنا. وسنمنحهم ذلك: فأنفك منك وإن كان أجدع"

هذا ما قلته يوم أن تم إعلان الصفقة.

وهذا هو ما تم بالأمس، حين وقف الرئيس يقول، فأجبر الحاضرين على أن يرددوا ما يقول، وإن بكلمات خلت من مضمونها.

بالأمس أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب، كانت كلمات رئيس فلسطين، وكلمة فلسطين، تنضح بالاتهام المبطن، لمواقف النظام العربي الرسمي من فلسطين وخطة القرن.

كانت الكلمات دبلوماسية قاسية، مثل حد سكين يلمع ويقطع في آن: قاسية وقوية بما أجبر الحضور ـ الذين يمثلون النظام العربي ـ على ابتلاع مواقفهم الحقيقية، وتبني الموقف الفلسطيني، أو ـ على الأقل ـ الإعلان بذلك.

بالأمس أمام الجامعة العربية، كان كلام الرئيس ليس رئيس الكلام فحسب، بل رئيس المواقف والمبادئ.

قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس، بأن فلسطين ترفض صفقة القرن جملة وتفصيلا.

قالت فلسطين بالأمس، لأشقائها المساومين، الجالسين الآن كبيادق لعبة شطرنج خاسرة: بأنه لا بد من منع ترسيم الخطة (التي يؤيدونها سراً) كمرجعية دولية جديدة. ولم يكن أمام البيادق إلا التأمين.

قالت فلسطين: لن أقبل بضم القدس لإسرائيل إطلاقا، ولن يسجل في تاريخي أنني بعت عاصمتي المقدسة الأبدية. فصمتت البيادق، فكان صمتها موافقة المضطر.

لم تكن فلسطين في خطابها حالمة أو عدمية ـ كما رأت ذلك في عيون الحاضرين من أبناء الضرة ـ بل عرضت موقفاً أقوى من الحلم، وأنضج من العدمية.

بالأمس قالت فلسطين ما لا يستطيع قوله أحد من الحضور: ليست أمريكا وسيطاً ولن تكون، وقدمت فلسطين البديل: آلية دولية متعددة الاطراف، لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

بالأمس أعلنت فلسطين ما لا يحلم رئيس عربي أن يقوله: لا مكان لهذه الصفقة على الطاولة بكل بنودها.

لقد كان الحضور من ممثلي النظام العربي مذهولين، وبدا الفلسطينيون (في أعينهم الرمداء) عدميين، فقالت لهم فلسطين بقوة بصقة في الوجه: لسنا عدميين، بل نبحث عن حل عادل لقضيتنا.

رأت فلسطين الخوف في أعينهم فقالت: لا نطلب منكم المستحيل ـ فنحن نعرف ضعفكم وخزيكم وتآمركم ـ بل نطلب إعلاناً ضعيفاً يليق بخزيكم: القبول بما تقبل فلسطين ورفض ما ترفض فلسطين.

دعوا الصمود لنا وحدنا فبينكم وبين الرجولة دهور ودهور.