موقع الأديب خضر محجز
إزالة الصورة من الطباعة

حول ميلاد كل من الدين والمجتمع والتوحيد

حول ميلاد كل من الدين والمجتمع والتوحيد

 

يقول بعض الناس إن الأوطان والمجتمعات سابقة على الأديان. أي أن المجتمعات البشرية تكونت وتطورت ثم كان الدين.

وهو قول يقول صريحاً إن الدين جاء لتلبية حاجات المجتمعات البشرية التي طرأت بفعل الحياة الدنيوية.

ولا حاجة لكثير من التأمل في هذا القول لنستنتج أن قائليه يؤمنون بخلق الأديان وتطورها.

والحق أن ما يقول الماديون إنه تاريخ الأديان ـ إذ اخترعوه وأعجبهم ـ أن الأديان بدأت متعددة الآلهة مختلفة الاعتقادات، مختلفة الشرائع، لأن كل جماعة بشرية اخترعت منها ما يلبي حاجتها.

فلما تقاربت الجماعات، وتوحدت بفعل وجود زعيم قوي في كل تجمع منها، ظهرت الحاجة إلى توحيد الآلهة وتوحيد الشرائع.

هكذا تم اخترع التوحيد والنبوات والقوانين.

يقولون هذا ويرونه علماً. والقرآن يقول عكس ذلك على طول الخط، بكلمات واضحة تمنع من وجود أدنى اتفاق بين قول الله وقول ما قالوا إنه تاريخ الأديان، ويدرسونه في جامعات الغرب وبعض بلاد المسلمين.

يقول القرآن:  

﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (البقرة/213).

والقرآن يقول إن الله أنزل آدم إلى الأرض، تائباً من ذنبه، عابداً لله، فأنجب أبناء وبنات اختلفوا بعد ذلك، فنشأت الشرائع، فرعاً عن عقيدة التوحيد النازلة مع الأب من السماء. وتلكم هي القصة، بلسان سورة البقرة:

﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴿27﴾ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴿28﴾ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ﴿29﴾ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴿30﴾ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴿31﴾ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴿32﴾

ولسر من أسرار التنزيل عقب الله على القصة فقال في الآية التي تلت ذلك العرض:

﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴿33﴾

والإشارة أن من يقول بقول غير ما تلته الآيات، فهذا حكمه.

وإنها لمعركة أبدية بين قول الله وقول الكافرين.

لا إله إلا الله محمد رسول الله.