• فنون
  • 2046 قراءة
  • 07:52 - 03 يناير, 2019

ماستر سين:

مسلسل شيخ العرب همام

 

لقد تفوقت صابرين على نفسها حقاً..

أخيراً شاء الله لي أن أشاهد كاملاً مسلسل يحيى الفخراني "شيخ العرب همام".

المسلسل يرصد حقبة من حياة المحروسة، قبل 40 عاماً من الحملة الفرنسية، في عز قيلولة "الرجل المريض" الخلافة العثمانية.

المسلسل يعرض البطولة حين تواجه الطبيعة، أو الظروف. إذن فنحن في مرحلة ما قبل الحرية، في مرحلة مصر التي تنهض لتصنع الحرية.

يقول هيغل: "إن الأبطال لا يظهرون على المسرح، إلا في ظروف غير متمدينة فحسب. وهدفهم هو الحق الضروري والسياسي. وهذا ما يتعقبونه على أنه مهمتهم الخاصة. فالأبطال الذين أسسوا الدول، وأدخلوا الزواج والزراعة؛ لم يفعلوا ذلك باعتباره حقهم المعترف به، بل فعلوه بوصفه الحق الأعلى للفكرة ضد الطبيعة. فالعنف البطولي هو قهر أو إكراه حقيقي له ما يبرره"([1]).

ذلكم هو شيخ قبيلة هوارة، شيخ الصعيد، أو شيخ العرب همام (يحيى الفخراني)، الذي يتصدى لتحقيق الفكرة، باعتباره البطل المنوط به مهمة تحقيق الاستقلال.

يحيى الفخراني، عبد العزيز مخيون، صابرين: ثلاثة عمالقة يتصارعون على سيادة المشهد التمثيلي، إلى درجة أوهنت كل من حولهم من الممثلين الباقين.

صداقة أقوى من كل أخوة، تجمع بين شيخ العرب همام (يحيى الفخراني) كبير هوارة، وابن عمه الشيخ إسماعيل (عبد العزيز مخيون) تصمد طويلاً، مقابل مؤامرات لا تتوقف في القاهرة بين المماليك الحكام، وهنا في الصعيد في محاولاتهم شراء ولاء ابن العم ليخون ابن عمه.

ينتهي المسلسل بخيانة ابن العم إسماعيل صديقه وابن عمه وزوج أخته شيخ العرب الثائر، مما يودي بكامل جيش الصعيد، ويقود إلى أسر نساء وحريم وأهل شيخ العرب، وتدمير قريته بالكامل وإبادة أهلها الثوار.

في المشهد الأخير في الحلقة الأخيرة، حين نرى صالحة (صابرين) زوجة شيخ العرب في الأسر، يحضر أخوها الخائن لينقذها، فترتمي في حضنه، وتسأله عن همام، فيقول لها:

ـ قولي له يسامحني.

فتقول له أخته:

ـ يسامحك على إيش؟.. إسماعيل، اطلع في وجهي. حط عينيك في عيني.

فيرد:

ـ ما قادرشي.

هنا تدرك صالحة خيانة أخيها، فتقفز إلى صف الأسيرات، وتلتحف بغطاء رأس ضرتها الأخرى، وهي تقول:

ـ غطيني يا ورد اليمن. في ناس أغراب هنا.

وينتهي المسلسل وقد تجمعت نسوة الصعيد ـ أو ما تبقى منهن ـ متوشحات بالسواد، وقد حملن المشاعل، في رحلة نحو بعث جديد.

بعث يستبعدن منه كل غريب، حتى العاشق الطاهر جابر (محمود عبد المغني) طريد الجبل التائب يستبعدنه، وينتزعن منه محبوبته ابنتهن ليلى(شيري عادل)، في إشارة إلى ضرورة محافظة الثورة على طهارة الأصول.

إنها المعركة بين أهل مصر العرب، والمماليك الغرباء.

جولة تنتهي بالخسارة المؤقتة، والألم الحارق، لكنها تؤسس فيما بعد لتبرير مذبحة المماليك، على يد الباعث الجديد محمد علي.

كل من شاهد المسلسل سيقول في نهايته:

حقاً لقد استحق المماليك ما نالوه على يد محمد علي، فلا يمكن أن يقوم بعث مع كل هؤلاء الغرباء المتصارعين الذين أبوا أن تُمَصّرهم مصر فيتعربوا.

 


[1]ـ هيجل. أصول فلسفة الحق. ترجمة إمام عبد الفتاح إمام. ط3. المجلد الأول. دار التنوير. بيروت. 2007. ص295