الشيخ الشعراوي يعتذر لعبد الناصر


كتب سعيد الشحات في اليوم السابع. 29 أكتوبر 2019

(بقليل من التصرف)

وقف الشيخ محمد متولي الشعراوي، أمام قبر جمال عبد الناصر بـ«كوبرى القبة»، وقرأ الفاتحة على روحه تَرَحُّماً، يوم 29 أكتوبر عام 1995، وفقًا لجريدة الأهرام التي نشرت صورة الشعراوي رافعًا يديه وهو يقرأ الفاتحة في خشوع.

لم يكن الحدث عادياً، فالرجل هاجم عبد الناصر كثيراً بعد رحيله يوم 28 سبتمبر عام 1970 ضمن حملة الهجوم الضارية ضد عبد الناصر، في السنوات الأولى من سبعينيات القرن الماضي، وقادها الكاتب الصحفي مصطفى أمين ورجاله في الصحافة المصرية، بالإضافة إلى جماعة الإخوان وقطاع من حزب الوفد. وحسبما يؤكد الكاتب الصحفي أحمد بهاء الدين، في كتابه «محاوراتي مع السادات»، فإن هذا الهجوم كان يشجعه الرئيس السادات رغم رفضه علنياً.

 كان أقسى ما قاله الشعراوي في هجومه على عبد الناصر، أنه صلى ركعتين شكراً لله على هزيمة مصر في 5 يونيو1967 مما فتح عليه هجوماً ضارياً، بسبب تصرفه على هذا النحو في مثل هذه المحنة. والمثير أنه كتب مقالا حزينا نشرته الأهرام بعد عبد الناصر، قال فيه:

«قد مات جمال. وليس بعجيب أن يموت. والناس كلهم يموتون. ولكن العجيب، وهو ميت، أن يعيش معنا. وقليل من الأحياء يعيشون. وخيرُ الموتِ ألا يغيب المفقود، وشرُّ الحياةِ الموتُ في مقبرة الوجود. وليس بالأربعين ينتهي الحداد على الثائر المُثير، والمُلِهِم المُلهَم، والقائد الحتم، والزعيم بلا زَعم. ولو على قدره يكون الحداد، لتخطّى الميعاد إلى نهاية الآباد».

وجدت الجماعات الإرهابية ضالتها في آراء الشعراوي، ضد عبد الناصر، مستثمرة شعبيته الجارفة وتأثيره الديني على القطاعات الشعبية، فكانت تردد ما يذكره في هذا المجال. وتصدرت جماعة الإخوان هذا الأمر، ببث فيديو له يشمل كلامه عن نكسة 1967.

في هذا السياق، كانت زيارته ضريح عبد الناصر مثيرة، بما في ذلك ذكره لأسبابها، حيث كشف لجريدة الأهرام أنه اتصل في الصباح بجريدة الأهرام، يطلب من أحد مسؤوليها صحفياً و مصوراً يرافقانه إلى زيارة ضرورية سيقوم بها بعد دقائق. حيث فوجئ المحرر والمصور بأن المكان الذي سيذهبان إليه هو ضريح عبد الناصر.

وقد كشف الشعراوي سبب الزيارة بقوله: إنه في فجر اليوم الذى توجه فيه إلى الضريح، جاء إليه جمال عبدالناصر في المنام، ومعه شيخان أحدهما يرتدى ثوبا أبيض، وفى أذنيه أطراف سماعة طبيب، والثاني يحمل في يده مسطرة حرف T الشهيرة الخاصة بالمهندسين. وأضاف أنه فهم من هذه الرؤيا أن عبد الناصر يقول له، إنه هو الذى أدخل دراسة الطب والهندسة إلى جامعة الأزهر، وربما يغفر الله بهذا ما قد يؤخذ عليه. وأكد الشعراوي: «قررت بعد كلمة عابرة في حق عبد الناصر من أيام «يقصد كلامه عن نكسة 5 يونيو 1967» أن أزور ضريحه». وأضاف: «يجب على الإنسان ألا يسيء الظن بفعل أحد، وأن يترك سرائر الناس لله وحده».

وقد نقل الكاتب الصحفي "حسنين كروم" عن "عبد الرحيم" ابن الشعراوي، في حوار له بمجلة "نصف الدنيا" (23 أكتوبر 2006) قوله: "الشيخ لم يكن بينه وبين قادة الثورة عداء، فلماذا العداء من الثورة، وهى التي علمت أولاده بالمجان، وعملت على تحقيق مبادئ العدل والحرية؟ وأما بخصوص ما قيل عن صلاة والده ركعتي شكر لله عند حدوث النكسة في 1967، رد عبد الرحيم فقال: "صلى كي يكشف الله عنا هذه المصيبة، وليس شماتة في مصر ولا النظام".