• سياسة
  • 742 قراءة
  • 11:03 - 25 سبتمبر, 2021

التحليل السياسي:

السبت 25 سبتمبر 2021:

الإخوان المسلمون في تونس ومجلس السنهدرايم

 

أورد موقع (RT) اليوم تحت عنوان: «استقالة أكثر من مائة قيادي من حركة النهضة التونسية» الخبر التالي:

أعلن مائة وثلاثة عشر قيادياً إخوانياً (نواب وأعضاء سابقون في المجلس التأسيسي وأعضاء في مجلس الشورى ومسؤولو جهات) في الفرع التونسي لجماعة الإخوان المسلمين (النهضة) عن استقالتهم من الحركة. وشدّدوا على أن السبب المباشر في استقالتهم الجماعية هذه، هو اعترافهم بالفشل في إصلاح الحزب من الداخل، وتحميلهم القيادةَ الحالية المسؤولية الكاملة عمّا وصلت إليه الحركة وطنياً ودولياً. وقال بيان المستقيلين: إن الخيارات السياسية الخاطئة لقيادة حركة النهضة، أدت إلى عزلتها وعدم نجاحها في الانخراط الفاعل في أي جبهة مشتركة، لمقاومة الخطر الاستبدادي الداهم، الذي تمثله قرارات 22 سبتمبر 2021.

وهذا تحليلنا للخبر:

بإمكان أي مراقب لأوضاع الإخوان المسلمين ـ في كل قطر، في كل زمن، في كل ظرف ـ أن يرى بوضوح أن كل محاولات تعديل مسار الجماعة الدينية السرية، من قبل المخلصين للجماعة، كان وسيكون مصيرها الآتي:

1: زيادة إصرار قيادة الجماعة على صوابيّة نهجها، ومن ثم اتهامها كلَّ من يحاول تعديل سلوكها، بأنه يرغب في نوال حصة من كعكة قيادة الجماعة.

2: وهذا يشير ـ ولا بد ـ إلى أن القيادة الأبدية للجماعة «مجلس السنهدرايم» تشعر حقاً بأن في أيديها مكاسب، يجب ألا يعلم بها القياديون الجدد، حتى لا يشاركوها فيها.

3: وحتى لو لم يعلم القياديون الجدد ـ الذين تحوك في صدروهم الشكوك ـ بالحسابات السرية للحكماء الدهريين، إلا أنهم يرون أن ثمة تراجعاً مستمراً في قوة الجماعة السرية، لا يبرره سوى حرص «مجلس السنهدرايم الأعلى» على التضحية بكل شيء، في سبيل استمرار سيطرته على قيادة الجماعة، الأمر الذي سرعان ما يثير الشكوك، لدى كل مجموعة تحاول الإصلاح من الداخل، حيث ترى نفسها في مواجهة جدار صلب لدى الحاخامية العليا، من التمسك بالمواقف ذاتها التي دمرت مصالح الحركة الدينية السرية.

4: والحقيقة أن هؤلاء «الإصلاحيين المزعومين» كانوا يرون كل هذه الخفايا والأسرار، ويقبلون بها، بل ويتعايشون معها؛ طالما وفّرت لهم مناصب في سلطة الدولة، أو مكاسب في المجتمع ـ دون أن يدفعوا ثمن ذلك من المخاطر، التي ينبغي أن يدفعها كل مغامر في لحظة ما ـ فلما رأوا أن المكاسب وَلَّت، لم يحبّوا أن يدفعوا ثمناً مقابل مكاسب قليلة نالوها، وفضلوا من ثمّ أن يتحمل «مجلس السنهدرايم الأعلى» الخسائر وحده، باعتباره كان الكاسب الأكبر من دونهم.

5: لكن أخطر ما يمكنني قراءته في بيان المنشقين، قوة العنف الكامنة بين السطور: إذ يبدو أن المنشقين ناقمون على مجلس السنهدرايم، أنْ لم يُعلن الحربَ على الدولة والشعب في تونس. فإذ رأوا أن مجلس الحاخامية الأعلى، قرر امتصاص ضربة الدولة، لا جرم أدركوا أن الذين ستنالهم الضربة، هم قيادات الصف الثاني، الذين هم أنفسهم المنشقون إن لم ينشقوا، لأن الدولة ستشن الحرب على جهاز العمليات الميداني، الذي يقودونه هم، وسيكونون ضحاياه هم وحدهم، فيما ستحتفظ الدولة بمجلس السنهدرايم للمفاوضات الآتية يوماً.

6: ومعلوم أن لو عادت المياه إلى مجاريها بين الدولة والجماعة، فسيعود بمجلس السنهدرايم إلى رئاسة الجماعة، ويدخل من تبقى بعد الحرب ـ من الصغار ـ إلى كهوف النسيان، حيث كانوا قبل فوز الجماعة بـ51% من أصوات زجاجات الزيت وعبوات السكر.