• فنون
  • 3106 قراءة
  • 07:55 - 15 نوفمبر, 2014


ماستر سين


السفارة في العمارة



 

كلنا شاهدنا فيلم عادل إمام الشهير (السفارة في العمارة)، ونعرف أن قصة الفيلم تدور أحداثها في القاهرة، حول وجود سفارة إسرائيل في عمارة سكنية.


عادل إمام يمثل دور المواطن العادي، الذي يحاول الابتعاد قدر الممكن عن تعاطي السياسة، فإن كان ولا بد من ذلك، ففي الحد الأدنى، الذي يمس حياته وحياة الناس من أمثاله.


الفيلم من بدايته حتى نهايته طافح بالنقد اللاذع للشعارات الكبرى واستخدام الأحزاب لها، على حساب رجل الشارع البسيط.


رجل عادي ترك عمله في الإمارات، وسكن في شقة في عمارة، صادف أن وقع عليها اختيار الإسرائيليين لإقامة سفارتهم فيها.


جميع الأحزاب تحاول تجنيد (شريف خيري) لرفع دعوى قضائية تطالب بإخلاء السفارة من العمارة. ويستجيب شريف خيري لهذه الدعوات، ويرفع قضية ضد السفارة. وفي مرحلة حرجة تصطاده غانية، فتدخل فراشه، ليفاجئه العملاء الإسرائيليون بتسجيل الحادثة، وتهديده بضرورة أن يسحب الدعوى، قبل أن يفضحوه.


يستجيب شريف خيري للضغط، وبذا يتحول من بطل قومي في نظر الشارع، إلى خائن وعميل وجاسوس.


يستمر الإسرائيليون في الضغط على شريف خيري، ليفتح لهم شقته، ليحتفلوا بها، في إحدى مناسباتهم. ويحدث ذلك بالفعل. ويخرج شريف خيري من الشقة إلى صالة الاستقبال بالعمارة، ليفاجأ بالصور الحية التي تبثها القنوات التلفزيونية، لشهيد فلسطيني طفل كان على علاقة صداقة معه.


هنا يبدأ مشهد الماستر سين.


ومشهد الماستر سين (master scene) ـ للعلم ـ هو المشهد السينمائي الأهم من حيث الموضوع، والأكثر إتقاناً من حيث الأداء، حيث تتصاعد الأحداث نحو الذروة، ثم تبدأ المواجهة التمثيلية المتقنة قبل الحل.


لا بد للماستر سين من تكثيف عال وجمالية متقنة. فكيف يحقق فيلم السفارة في العمارة هذا المشهد؟


تبدأ الموسيقى التصويرية في التصاعد، متناغمة مع الحدث. وتسلط الكاميرا بؤرة عدستها على وجه عادل إمام، الذي يمتلك طاقات هائلة في التعبير الصامت.


تتصاعد الموسيقى. وتتصاعد تعبيرات الوجه، نيابة عن كل الكلام.


كان الإسرائيليون قد احتلوا الشقة (مصر) عن طريق الخداع. واستغلوا في لحظة ضعف من مصر (لحظة الوصال الجنسي مع العاهرة). لقد بلغ التطبيع القهري ذروته بهذا، وزاحم الدخيل صاحب البيت في بيته.


كل ذلك يتم في لحظة غياب الوعي.


لا تستطيع الكلاب أن تقتحم بيتا يحرسه أصحابه. ولا تستطيع الكلاب المكوث في بيت يطردها منه أصحابه. هكذا يقول المشهد.


فورا يصرخ المواطن المصري:


ـ لأ ده إياد.؟ ده صاحبي، ده طفل. لأ


ويقفز الدرج سريعاً، ويطرد الأوغاد من بيته:


ـ بره... ره .. برررره...


في مشهد يقفّ له شعر الرأس، وأنت ترى مصر تصحو من سباتها، وتهش الذباب عنن وجهها؟

وهكذا ينتهي المشهد بين يدي نهاية الفيلم، بعد أن يقدم تصوره لطبيعة الصراع.


ومن ثم ينتهي الفيلم، بالمواطن المصري، وقد تحول إلى كائن سياسي يخوض التظاهرات، وينادي بسقوط أعداء السلام.