• سياسة
  • 894 قراءة
  • 04:50 - 12 ديسمبر, 2022

أمريكا والسعودية والامتحان الأخير

 

التحليل السياسي

 

12 ديسمبر 2022

 

لم يكن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، يدرك وهو يجبي من السعودية مئات المليارات، في العام 2017، أنه يخوض نيابة عن أمريكا امتحان نهاية الدراسة، بل كان يتصور أنه يزور دولة مهيأة ـ بل محتاجة ـ لأن يبتزّها، بما صنعه لها من تهديدات الحليفتين إسرائيل وإيران والعملاء.

لم يكن يدرك ترامب أنه يضع العلاقات القديمة بين أمريكا والسعودية في امتحان مصيري، يمكن لنتائجه لا أن تغير وجه العلاقات بين البلدين فحسب، بل كذلك وجه العلاقات في الشرق الأوسط والعالم.

لقد حصد ترامب المال، وامتحنت السعودية مصداقية الحلف القديم، بهذا المال. وها نحن نرى النتائج.

تغيرت العلاقات بين الدولتين إلى الأبد. والسعودية لا تحتاج إلى أبواق لتعلن هذا، فهو مُشاهدٌ معروف لكل من يستطيع الرؤية بعينيه. وإليكم النتائج:

1: تم ردم حفرة قبر خاشقجي في كل من أنقرة وواشنطن ولندن وعواصم الغرب.

2: تحولت السعودية إلى العداء المعلن للإخوان المسلمين ـ بصفتهم مرتزقة العم سام ـ وصارت تقود محور الخليج للقضاء عليهم.

3: رفضت السعودية كل طلب أمريكي بمساعدة الغرب في حربه على روسيا، بل وتقاربت معها ودعمت موقفها من أسعار النفط والغاز، برفضها زيادة إنتاج النفط، لتخفيض التكلفة على الغرب الأمريكي، الذي بدأ يشعر بحصار روسيا للأسعار.

4: عادت السعودية إلى بناء التحالف الخليجي بقيادتها، وبدأت بتشكيل محور خليجي بوجه مختلف عن المحور السابق.

5: دعمت السعودية موقف مصر المتحول من أمريكا وربيبتها إسرائيل، الذي ظهر حين رفضت التعاون مع أمريكا في حربها على روسيا، وهو الموقف الذي تمثل في رفض مصر الطلب الأمريكي بمنع عبور الناقلات الروسية في قناة السويس. ولولا موقف السعودية، لكانت العقوبات الأمريكية الاقتصادية، قادرة على جعل مصر تفكر مرتين، قبل أن ترفض طلبات أمريكا.

6: المحور الخليجي الجديد يعلن بوضوح أنه يرفض اتفاقية سيداو، في أول بيان عربي واضح اللهجة، سيتبعه إعلانات أخرى من باقي دول الإقليم.

7: الاستقبال الحافل الذي شهدته الأيام الأخيرة لرئيس الصين ـ المنافس الاستراتيجي القادم لأمريكا ـ "شي جينبينغ"  في الرياض، بما نتج عنه من توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة، بين أهم منتج للطاقة في العالم، وأخطر قوة قادمة تهدد بإزاحة أمريكا عن عرش العالم.

والأيام القادمة ستشهد ـ إن شاء الله ـ خطوات تزيد من حضور السعودية في ميزان القوة العالمي. وكل ذلك لا يهدد إسرائيل فقط، بل كل الأعداء في الجوار، وكل أعداء الأصدقاء الجدد في العالم.

لقد كانوا ينظرون إلى ابن سلمان باعتباره شاباً متهوراً، لكننا نرى ثوة لا تهوراً.

فإلى الأمام.