في الحكم بما أنزل الله

 

سئلت عن الحكم بما أنزل الله أعقيدة هو أم عمل؟ 

بمعنى: هل الحكم بما أنزل الله من ضمن شروط الإيمان بلا إله إلا الله، أم هو عمل فرض يجب تنفيذه كأي عبادة؟ 

والحق أن عقيدة أهل السنة والجماعة أن الإسلام ينقسم إلى أصلين عظيمين: العقيدة وهي الأصل، والشريعة وهي القانون الضابط للواجبات والمنهيات.

 فلو آمن شخص بالله وصدق برسوله، فقد صار له ميزان توزن به أعماله. 

فإن لم يؤمن، فلا وزن لأعماله بل إلى جهنم مباشرة، شرط أن يكون البلاغ قد وصله. 

والحكم بما أنزل الله فرض كالصلاة والزكاة. 

فكما أن مسلما لم يصلِّ لا يكفر، إن لم يجحد فريضة الصلاة؛ فكذلك من لم يحكم بما أنزل الله في الفروع، لا يكفر بالله إن آمن بوجوب ذلك. 

وذلك فهمه أهل الإسلام قديماً وحديثاً من اختلاف اللفظ في حكم من لم يحكم بما أنزل الله في سورة المائدة: 

فإما كافر، وإما ظالم، وإما فاسق. 

﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ (المائدة/44) 

﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (المائدة/45) 

﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (المائدة/47) 

فكيف آمن الدواعش ببعض الكتاب وكفروا ببعض، ثم رموا بدائهم أمةَ الإسلام وانسلّوا؟ 

هذا هو إجماع أهل السنة، لم يخرج عنه إلا الخوارج والمتأثرون بهم. 

والمرحوم سيد قطب من أهل السنة، ولكنه خاطئ في هذا الفرع من اعتقاده، إذ يرى أن الحكم بما أنزل الله قرين شهادة التوحيد. 

ولعمر الله لو كان ذلك كذلك، لما قبل الناسُ إيمان كل المسلمين في العالم، الذين لا يعلمون العربية، ولم يقرأوا المودودي وسيد قطب. 

ثم إن الحكم بما أنزل الله يعني أن تجعل هواك تبعا لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم: 

فإن لم تعط أخواتك ميراثهن فقد حكمت بغير ما أنزل الله. فقد حكم الله في المواريث بالتفصيل. 

وإن غضبت من شخص قال لك كلمة حق، فد حكمت بغير ما أنزل الله. فقد حكم الله أن تقبل بكلمة الحق. 

وإن أخلفت وعدك لشخص، فقد حكمت بغير ما أنزل الله. فقد حكم الله بوجوب الوفاء بالوعود والعهود. 

وإن طَفَّفْتَ في الميزان، فقد حكمت بغير ما أنزل الله. فقد حكم الله بمنع ذلك. 

وإن اطلت لحيتك وأفتيت بغير علم فقد حكمت بغير ما أنزل الله، فقد حكم الله بحرمة القول بغير علم. 

وإن عصيت والديك فقد حكمت بغير ما أنزل الله. فقد حكم الله بضرورة طاعتهما في غير الكفر المخرج من الملة. وأنت تعصيهما في الحزب. 

وهكذا. 

فهل هؤلاء كلهم يخرجون من الإسلام يا داعشيا حماراً.