• سياسة
  • 2446 قراءة
  • 03:06 - 09 أبريل, 2015

يحدث في مخيم اليرموك

 



نشر في 9/4/215


مخيم اليرموك محاصر من قبل قوات الدولة السورية، منذ أكثر من 650 يوماً،  وليس منذ الأحداث الحالية. أما الأحداث الحالية، فقد راكمت أزمة جديدة إلى أزمة مستحكمة سابقة، بحيث أصبح الوضع الإنساني في المخيم لا يطاق، وأدى إلى استشهاد ما يقارب 175 شخصاً من الجوع ونقص الرعاية الطبية. كما أن المياه مقطوعة عن المخيم منذ أكثر من 200 يوم.


ظهر في المخيم أخيراً تنظيم فلسطيني، حاله مثل حال التنظيمات الفلسطينية المتعددة، اسمه (أكناف بيت المقدس)، من الواضح أنه من مفرزات حماس ــ وإن كان ينكر ذلك ــ وعدد عناصره في المخيم محدود، لا يتجاوز 150


في داخل المخيم، وعلى أطرافه المتعددة، تنظيماتٌ فلسطينية متعددة، ومواقفها مما يجري في سوريا متعددةٌ كذلك، بتعدد أسمائها. سنحاول هنا قدر الإمكان إحصاءها، بصورة تعميمية مجحفة ــ وكل تعميم مجحف كما تعلمون ــ كالآتي:


1ــ التنظيمات داخل المخيم هي التنظيمات الفلسطينية المعروفة لدينا، إضافة إلى أكناف بيت المقدس (150 عنصراً تقريباً)، وجبهة النصرة (400 عنصر تقريباً).


2ــ فتح والجهاد والشعبية، لا مقاتلين لهم في المخيم، وإن كان يوجد لها بعض الهيئات الإغاثية، التي تقدم القليل النادر من المعونات، وبعض الخدمات الحياتية. مع العلم بأنه من غير المسموح لها إدخال المعونات الإنسانية، إلا بعد عمليات تنسيق شاقة ومعقدة، مع الدولة السورية وحلفائها.


3ـ على تخوم المخيم، من جهة الجنوب، توجد الدولة السورية والتنظيمات الفلسطينية المتحالفة معها: القيادة العامة/ أحمد جبريل، فتح الانتفاضة، الصاعقة، النضال الشعبي.


4ــ على تخوم أخرى للمخيم، من جانب آخر، وتحديداً في منطقة الحجر الأسود؛ توجد قوات داعش وعدد عناصرها (1000) عنصر تقريباً. كلهم من العرب والأجانب، باستثناء بضع أفراد فلسطينيين يعدون على أصابع اليد الواحدة، من سكان الحج الأسود، الواقع تحت سيطرة داعش، منهم المسؤول الأمني لداعش، المكنى بـ(أبو خالد الأمني). وقد قتل في الأحداث الأخيرة.


5ــ يفصل مقر داعش عن مخيم اليرموك شارع الثلاثين. وعرضه ثلاثون متراً.


5ــ ورغم أن شارع الثلاثين هذا ساقط أمنياً ــ في نظر داعش ــ لأن قوات النظام تقنص كل من يمر فيه، وتشتبه في هويته؛ إلا أن هناك جزءاً منه ــ لا يتعدى طوله 400 متر ــ غير مقنوص، يمكن القول بأنه هو ما سمح لقوات داعش بالتسلل منه إلى المخيم. وهناك من يؤكد بأن مسافة الهجوم الداعشي، على المخيم، كانت أوسع من ذلك، وتعدت مسافة الكيلومتر، أي من سوق السيارات في شارع الثلاثين، إلى المقبرة القديمة.


6ـ لاحظوا أن جبهة النصرة، داخل المخيم، كانت في اليومين السابقين، تنتظر قدوم الحليف الجديد داعش.


تحيط بكل هذه الـﭘـانوراما (الجيوسياسية السوداء) قوات الدولة، من كافة النواحي، فتحاصرها منذ سنتين تقريباً. مما أدى إلى حدوث المجاعة داخل مخيم اليرموك، إلى درجة وفاة شخص جوعاً بالأمس.


ويبدو أن هذا التوازن (المزري) قد اختل في الأيام الأخيرة، بسبب وصول معلومات مؤكدة لداعش والنصرة، أن تنظيم أكناف بيت المقدس (حماس)، يوشك أن ينجز مصالحة بينه وبين الدولة، مما يجعله عدواً للجهتين ــ من وجهة نظرهما ــ فاتحد التنظيمان المتعاديان ضده. لكن يبدو أن هذه المصالحة مع الدولة لم تتم.


ولأنه كان من الطبيعي ــ وفق هذه الموازين ــ أن تسفرت الاشتباكات عن خلق وضع صعب لتنظيم أكناف بيت المقدس؛ فقد تفتت قواته، والتحق بعض أفراده بالتنظيم الغازي داعش، فيما التحق قسم أكبر منهم (35 تقريباً) مضطراً بفتح الانتفاضة، أما الباقون ــ الذين يبدو أنهم القسم الأكبر ــ فقد التحقوا بقوات أحمد جبريل، ويقاتلون الآن دفاعاً عن أنفسهم، في منطقة ضيقة من المخيم، في انتظار قدوم مساعدة من بعض الفصائل التي لها خصومة مع داعش.


يمكن القول ــ بشكل عام ــ إن عدد القتلى من جميع الأطراف قليل جداً حتى الآن. مع التأكيد على أن الدوافع المؤكدة وراء نشوب هذا الاقتتال الجديد ــ باستثناء ما ذكرناه ــ تبدو غير واضحة. فيما وضع أهلنا في المخيم يائس تماماً. والفصائل عاجزة عن تقديم شيء لهم، لأنها جزء من معاناتهم من الأصل.


أخيراً يمكن القول بأن الفلسطينيين فشلوا ــ كعادتهم ــ في الوقوف على الحياد، في معركة تقوم داخل دولة عربية، بين أهلها.