أحمد حسين



بخصوص كتابي: إميل حبيبي الوهم والحقيقة




فلسطين 48 بتاريخ  15/12/2006



أخي العزيز د. خضر


تحيات ومودة وإعجاب خالص تستحق أكثر منه!


فرغت للتو من قراءة كتابك المدهش، بكل معنى الصدق. وأود أن أقدم لك أولا تهاني على هذا الإنجاز غير العادي، على ساحة الجمع بين الأصالة والثقافة عموما. ولا أرى في القول بتفوق نصك النقدي ـ قياسا على  اطلاعاتي النقدية العربية عند غيرك ـ مديحا لك. فقد تكون، كما أسترجعها من الذاكرة، نصوصا لا ينقصها سعة الإطلاع والبعد المعرفي النظري، ولكني لم أحس، مرة واحدة، أمامها بأكثر من شخصية النص الأكاديمي المتقن: كانت جميعها ينقصها لمسة الإبداع، التي تكشف فيها ذاتُ النص عن هوية إضافية تتعدى التزامَ النظرية، إلى الإبداع الذاتي لصاحبه. لقد أمسكتَ، في مقدمتك النظرية، بخيوط السر التي تجعل من التلقي النقدي، بالنسبة للقاريء، متعةً إبداعية يمتزج زيها المعرفي الجاد، وموضوعيتها البحثية، مع جماليات النص، إلى درجة الإدهاش. قد تجد في هذا الكلام حماسا من نوع ما، ولكنه حماس مبرر، بالنسبة لي، بإملاءات النص على المتلقي.


لقد كنتَ، لاشك، كما يوحي السياق، صبورا ملتزما بالمهمة، يغلب عليك تحري الصدق البحثي، إلى درجة جعلت الانزلاق مستحيلا. ولو التزمتَ توجهي الموضوعي السيكولوجي نحو أميل حبيبي، لرضيتَ كمتلقٍ حتى أن تظلمه. ولكنني أعجبت، رغم ذلك، بحرصك الشديد على إنصافه بحثيا؛ سواء من حيث معالجة نصوصه الكتابية، أو مواقفه السياسية. لقد أحسست أنه استفاد من نصك أكثر مما أُدين، فلقد أضفى عليه حضوره، على روعة النص، صورةَ البطل الملحمي المأساوي؛ بدون أن يستحق أو أن تقصد. وقد أحزن ذلك إحساسي، ولكن الحظ قد يلازم بعض الناس حتى بعد موتهم.


إن السلاسة وجماليات اللغة، الملتزمة بالعفوية ورشاقة الأداء ودقته، هي ميزة أحسدك عليها. فهل تسمح لي بذلك؟!


لا أحس أنني أطلت عليك، فلدي الكثير مما أريد قوله. لذلك سألخص ذلك من حيث صدق التلقي: لقد توقعت دائما أن تدهشني. ولكنني مع ذلك لم أستطع الإفلات من الدهشة.  كتابك معلمٌ نقدي نظري ومعرفي، فيه من أصالة الفكر والمحايثة ما يوجب الاحتفال به، لو كان لدينا ساحة ثقافية حية .


واسلم لأخيك

أحمد حسين