• سياسة
  • 2689 قراءة
  • 04:10 - 27 نوفمبر, 2015


الإخوان المسلمون يقولون

 

دعنا نكتشف إن كان ما يقولونه حقيقياً

 

حوار مع الدكتور أحمد يوسف القيادي في حماس

 

 

صديقي الدكتور أحمد يوسف،

 

قرأت مادتك بعنوان: (الإسلاميون في مشهد الحكم والسياسة: بين الرفض والقبول).


وقد استعرضت فيها ـ سيادتك ـ آراء مفكرين إسلاميين عديدين، ترى رأيهم دون أن تلتفت إلى حقيقة التناقض بين أقوالهم المنشورة وانتماءاتهم للجماعة. ثم تركتَ لنا أن نعتقد بأنك تجمع بين ما جمعوا بينهما: القول غير المقبول من الجماعة، والبقاء فيها مع محاولة تجميلها قدر الطاقة.

 

صديقي الجميل،

 

يدرك كل عاقل عادي ـ ناهيك عن المفكرين من أمثالك ـ أن تصرفات الإخوان المسلمين في مصر وتونس وليبيا وسوريا وغزة، لا تلتفت إلى أقوال هذه المجموعة غير المتجانسة من المنظرين السياسيين، الذين حلا لك أن تستشهد بأقوالهم؛ بل كانت الجماعة السياسية دوما النقيض لها، على طول الزمن والبلدان. ولعلك تذكر معي، ويذكر معي القراء، كيف سبق للإخوان في مصر أن استقبلوا أردوغان بالعار والشنار  قبل الثورة، حين دعاهم إلى القبول بآراء كهذه.

 

إذن فمن حقي ان أرى أن أقوال مفكريك الذين تستشهد بهم، هي مجرد أقوال يتم توظيفها للمصلحة، كالرماد يُذرّ في عيون الآخرين؛ فيما تبقى تصرفات الإخوان المسلمين ــ التنظيم الذي يمحضه هؤلاء المفكرون ولاء أعظم من ولاء الوطن ــ على النقيض مما يقولونه. وهذا وحده هو ما يفسر حقيقة بقائهم في جماعة الإخوان. أما من تركوا الإخوان منهم، فلا حجة لك في الاستشهاد بأقوالهم، لأننا إنما نناقش ما يفعله الإخوان المسلمون، لا من خرجوا من الإخوان المسلمين.

 

صديقي الدكتور،

 

دائما يشار إلى أنك عضو قيادي في جماعة الإخوان المسلمين بغزة وفلسطين. ودائما لا يجد هذا لديك اعتراضاً، الأمر الذي يغرينا بأن نسألك: هل يوافقك حكام غزة وإخوان مصر على طروحاتك السياسية الرائعة؟ أم أنها مجرد أطروحات، تشبه ما طرحه المفكرون الإسلاميون الذين تستشهد بأقوالهم، ولا تلتفت جماعتهم إليها، في رحلة الخلاف الطويلة المكرورة، التي تنتهي في الغالب بخروج المفكر من الحزب، إن لم يكن طامعا فيما وراء الفكر بأشياء أخرى؟

 

ربما لا نكون محتاجين إلى تذكر الكثير من الأسماء، التي ليس أولها ولا آخرها، سعيد حوى، ومحمد الغزالي.

 

فيا صديقي،

 

دعنا لا نعيد تعريف المعروف وتكرار المكرور.. دعنا نقبض على الأسئلة المباشرة، لنستمتع منك بأجوبة مباشرة.

 

ولأنك أنت من طرح أقوالاً تلفت الانتباه إلى ما في فكر بعض الإخوان من إيجابيات، فدعنا نطلبك بأن تسأل لنا جماعتك ـ جماعتي سابقاً ـ أن تجيب على تساؤلاتنا البريئة الآتية:

 

1ـ لماذا أخل الإخوان في مصر بتعهداتهم، من أول الطريق: لماذا نقضوا العهد مع الناخب، فقرروا أن ينالوا الأغلبية المطلقة في البرلمان، مع أنهم وعدوا بغير ذلك؟

 

2ـ ثم لماذا أخلوا بالتعهد الثاني، فقرروا الترشح لرئاسة الدولة، وكانوا قد وعدوا بغير ذلك؟

 

3ـ ثم لماذا قرروا أن يقروا دستورا بالأغلبية المطلقة ــ التي نالوها بتوزيع الزيت والسكر مؤقتا على الفقراء ــ  وقد وعدوا من قبل بإقرار دستور توافقي يرضي جميع القوى والطوائف والطبقات؟

 

4ـ ثم لماذا أصدروا باسم مرسي دستورا مكملا يعطي رئيس الجمهورية سلطات مطلقة لم يكن يمتلكها مؤسس مصر الحديثة محمد علي؟

 

5ـ ثم لماذا رفضوا القبول بالعودة إلى الاحتكام إلى الشعب، بعد أن أخلوا بكل التعهدات السابقة، ومضوا قدما في خطواتهم الفعلية لتغيير وجه مصر؟

 

6ـ بعد أن وصل مرشح الإخوان محمد مرسي،  والمرشح المستقل أحمد شفيق، إلى جولة انتخابات الإعادة ركضاً، حذو الكتف بالكتف؛ وحين شعر الإخوان بالخطر الداهم، توسلوا من كل القوى السياسة دعمها، حتى لا يفوز من قالوا إنه يمثل الفلول. وبالفعل تكتلت القوى ـ ليس حول الإخوان، بل ضد شفيق ــ بعد أن وعدهم الإخوان بالمشاركة السياسية. ورغم كل هذا الدعم لم يسبق مرسي شفيق إلا بأكثر قليلاً من %50.1من الأصوات. بمعنى أن ما أوصل الإخوان إلى سدة الرئاسة، ليس أصوات الإخوان، بل القوى الوطنية المستقلة واليسار.

 

والسؤال هنا هو: كيف استطاع الإخوان أن يكونوا غادرين ناكثين قاسطين إلى هذه الدرجة، حين انفردوا بالسلطة، وتنكروا لكل ما اتُفق عليه؟

 

أعتقد ان هذه هي مجمل التصرفات التي جعلت الناس لا يثقون بأي تعهد يتعهدون به،

صديقي الدكتور،

أخيرا، كيف فهم الإخوان من الديموقراطية انها تمنح الحاكم فرصة التفرد بالقرارات الكبرى، دون أن يتاح للشعب أن يعترض؟ لقد طلب الإخوان من الشعب أن يمنحهم فرصة 4 سنوات كاملة، مع أنهم لم يقنعوا الشعب بأنهم يستحقون الصبر على إجراءاتهم الأحادية، التي رأى الشعب ــ السيد الحاكم الحقيقي ــ أنها تمس بروح الوحدة الوطنية؟

 

أسئلة برسم الإجابة منك، إذا كنت ترى نفسك مخولا بدعوتنا للقبول بك مفكرا إخوانيا يقدم بديلا عما نراه.

 

صديقي،

 

أرجو ألا يزعجك، ما يزعجهم، من هذه التساؤلات، فتذهب إلى التصور بأننا مجرد نريد إحراجك. فنحن يا سيدي نريد أن تقنعنا، بما لم يستطع كل الإخوان في مصر وتونس وغزة أن يقنعونا به.