في الرد على أسامة أنور عكاشة

 

 

نقل أحد الأصدقاء، على صفحته، مقالة مليئة بالإفك، للكاتب الدرامي أسامة أنور عكاشة، يتهم فيها كل الجيل الأول، من الحكام المسلمين، بأنهم أبناء زنا.

 

وهذا هو ردي بحول الله وقوته والتوكل عليه:

 

يبدو أن أسامة أنور عكاشة كان متعجلا ومغرضا في هذا الحكم العام، مع أنه ليس مؤلماً للإسلام، بل للحقيقة فقط. فكل من ذكرهم عكاشة ـــ باستثناء عمرو بن العاص ـــ هم من بني أمية في الجاهلية. وهذه الأخبار التي نقلها لا تصح، لأنها مجرد نقل عن مصادر مغرضة وشيعية.

 

وها هي تفاصيل الرد على النساء المتهمات:

 

1ـ قال الكاتب أن أم أبي سفيان اسمها (حمامة) وأنها كانت زانية بغيا. ولكن المنطق يقول غير هذا والتاريخ يقول غير هذا. فلم يرد اسم (حمامة) المزعوم هذا أماً لأبي سفيان، في أي كتاب تاريخ صحيح. مع العلم بأن أبا سفيان، ابنها المزعوم، كان زعيما لقريش في حرب الفجار بالجاهلية. وكان بنو هاشم جنوداً تحت قيادته. فهل ترى قريشا ومنها بنو هاشم تسلم قيادتها لمثل هذا؟

 

2ـ يقول عكاشة بأن (الزرقاء بنت وهب) كانت أم الحكم بن أبي العاص والد مروان وجد عبد الملك، وكانت من البغايا ذوات الاعلام أيام الجاهلية. ثم لا يقدم مصدرا لروايته هذه، سوى أن الرسول لعن الحكم زوجها. وصحيح أن الرسول ــ  صلى الله عليه وسلم ــ قد نفى الحكم بن أبي العاص من المدينة إلى الطائف ولعنه، ولكن لم يصح سبب في النفي واللعن. فكيف استند أسامة إلى اللعن ليجعله بسبب زنا أمه؟ مع أن كل ما رواه الرواة في هذا الشأن كان موضوعاً، وأغلبه من فعل الشيعة، حيث لا ذكر لزوجة للحكم تسمى (الزرقاء) في غير كتب الشيعة، وهم لا يمكن تصديقهم في عدوهم.

 

3ـ يقول عكاشة إن (آمنة بنت علقمة بن صفوان) أم مروان بن الحكم، كانت زانية، ثم لا يقدم في ذلك سوى حديث لعن الرسول لزوجها. فمتى كان لعن الزوج سببا في زنا المرأة؟ والصحيح أنه لا يصح حديث ــ سنداً ولا متناً ــ في سبب طرد مروان من المدينة. لكنه ملعون بالفعل. فلا مجال هنا لاتهام أمه.

 

4ـ أما اتهام عكاشة لـ(النابغة) أم عمرو بن العاص بالزنا، فيبدو أنه صحيح، لكن ما ذنب ابنها وقد جاء الإسلام ليحرم التفاخر بالآباء؟. لقد كان ذلك في الجاهلية. والإسلام لا يحاكم الناس بأثر رجعي. وقد شفى عمرو رضي الله عنه من هذه السُّبّة فكان لا يأبه لها، ويعترف بوجودها. ورغم ذلك فلم يكن عمرو من خلفاء للإسلام، كما لم يكن من بني أمية، بل من بني سهم.

 

5ـ صحيح أن (سمية) أم زياد بن أبيه كانت بغيا حقاً. فمتى كان أبناؤها خلفاء؟

 

6ـ (مرجانة أم عبيد الله بن زياد) لم تكن زانية ولكنها كانت جارية ملك يمين، ولدت ابنها لزياد، ولامت زيادا من بعدُ على قتله الحسين عليه السلام. فانقمع عبيد الله، ورفض فيما بعد الاستجابة لأمر يزيد بغزو مكة على ابن الزبير. فهي إذن امرأة فاضلة، لا تدينها جريمة ابنها. والخبر الذي أورده أسامة أنور عكاشة موضوع لا يصح.

 

7ـ قال عكاشة بأن (قطام بنت شحنة التيمية) قد اشتهرت بالبغاء العلني في الكوفة، وأنها خارجية. وهذا الخبر يكذب نفسه، فالخوارج كانوا أتقى الناس، وإن كانت تقواهم مبالغة ضارة متطرفة. ومثل هؤلاء لا يحلون الصغائر، ويعتبرون الزنا كفرا مخرجا من الملة. فكيف تصبح خارجية زانية علنية، في دولة يحكمها عمر بن الخطاب؟ ثم متى كانت أما لحاكم من الحكام؟. أم هي مجرد الزعبرة؟

 

8ـ  قال عكاشة إن (نضلة بنت أسماء الكلبية) زوجة ربيعة بن عبد شمس وأم عتبة وشيبة الذين قتلا يوم بدر. زانية. فمن أين جاء بهذه الرواية إن لم تكن من كتب أعداء بني أمية، أو من اختراعاته الشخصية؟ فالخبر عن زناها لا يصح، خصوصاً وهي زوجة سيدين من كبار سادة بني عبد مناف. وما يقوله الأصفهاني موضوع مكذوب على لسان الشيعة فقط. أما ابن أبي الحديد الراوي الثاني فهو شيعي محترق لا تُقبل رواياته.

 

9ـ  زعم عكاشة زوراً أن (هند بنت عتبة) أم معاوية كانت زانية. ولقد ثبت بأن هذا الكلام إفك وافتراء يخالف المعروف عنها بأنها من أشرف النساء في الجاهلية والإسلام. وقد بايعت الرسول، فلما وصل إلى قوله: (ولا يزنين) سألته باستنكار: (أو تزني الحرة يا رسول الله؟) ولو كانت زانية لأجابها الرسول بعكس ما تقول.

 

10ـ (ميسون بنت بجدل الكلبية) أم يزيد بن معاوية، زعم عكاشة أنها زانية. والحق أنها سيدة عظيمة، وابنة فرسان، وأعرابية قح، تزوجها معاوية لشرف قومها وأنجبت له يزيد، ثم طلقته لأنها كرهت حياة القصور، وقالت قصيدتها الشهيرة التي منها (لبيتٌ تخفق الأرياح فيه/ أحبّ إليّ من قصر منيفِ). وأما رد الحسن عليه السلام على يزيد باتهامه لأمه، فلا يصح عنه عليه السلام. بل هو من وضع الشيعة. ولا يعقل أن يبحث ملك كمعاوية عن زانية ليتزوج بها فتنجب له وليا للعهد. مع العلم بأنه كان يرسله كل عام إليها في البادية ليتعلم الفصاحة والفروسية.

 

11ـ آمنة بنت صفوان أم مروان بن الحكم لم تكن زانية مطلقاً. وقد صح لعن الرسول للحكم ولم يصح لعنه لأبنائه. ولو كان كل ابن ملعونٍ ملعوناً، إذن لكان عكرمة بن أبي جهل ملعوناً كذلك، مع أنه من كرام الصحابة وشجعان مكة ومقاتلي اليرموك. والخبر الذي أورده ابن عساكر هو في لعن الحكم، وليس في زنا أمه المزعوم.

 

والنتيجة:

 

يمكننا كره بني أمية، لما فعلوه بآل البيت. لكننا نكرههم فقط لهذا، ولا نكرههم لسبب آخر، نصنعه إن لم يكن موجوداً.

 

لقد تمت السيادة على قريش لبني عبد مناف منذ الجاهلية، وقد كان الفرع الأموي منهم هو الذي يتولى قيادة الحروب، ويقبل منهم ذلك أبناء عمومتهم بنو هاشم. ويحاربون تحت رايتهم. فلا مجال هنا للطعن في أنسابهم، لمجرد الكراهية المذهبية.

 

لقد علم رسول الله صلى الله زوجته التي كانت يهودية أمنا (صفية بنت حيي) أن تفتخر بأجدادها الأنبياء من بني يعقوب.

 

فمهلا يا متعصبون.