حول حديثي العترة والسنة

 

1ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً: كتاب الله وسنة نبيه». أخرجه الحاكم عن ابن عباس. واعتبره على شرط الشيخين. ورواه مالك بسند مرسل. 

2ـ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس اني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي». رواه الترمذي بسند حسن. ورواه أحمد عن أبي سعيد الخدري. 

لدينا هنا حديثان صحيحان، الثاني منهما أصح من الأول. ولم يُرو أيٌّ منهما في أيٍّ من الكتابين الأصح: البخاري ومسلم. 

لكن الدكتور عدنان إبراهيم، يقول في واحدة من خطبه، بأن الحديث الثاني مروي في صحيح مسلم، ثم ينفي صحة الحديث الأول (سنتي) منوهاً إلى أنه مجرد مرسل. 

ولئن كان الدكتور عدنان لا يأبه بتصحيح الحاكم لحديث (وسنتي) فهو يقوم بحركة التفافية لا علمية، إذ لا يكتفي بتصحيح حديث (عترتي) بل يجعله في صحيح مسلم، لكي يزول الشك في نفي الأول، وإثبات الثاني، كأنهما متعارضان. 

لكن الصحيح أن حديث (عترتي) لم يرد في صحيح مسلم. ويبدو أن الدكتور عدنان قد وهم فظنه كذلك. لكن الذي أورده مسلم في صحيحه هو قوله صلى الله عليه وسلم: 

«وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده، إن اعتصمتم به: كتابُ الله. وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها على الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد. ثلاث مرات. ثم أذّن، ثم قام، فصلى الظهر». 

وهو جزء من حديث طويل رواه مسلم في باب حجة النبي من صحيحه، عن جابر بن عبد الله. ولم يذكر فيه سنة ولا عترة. انظر: صحيح مسلم. دار طيبة. ط1. الرياض. 2006. ص1218. الحديث رقم 147 ــ 1218 

ورواه بهذا اللفظ كذلك أبو داود وابن ماجه، عن نفس الصحابي جابر بن عبد الله.

 وأما لفظ (عترتي) فلم يرد في أي من الصحيحين، بل رواه الترمذي من طريقين أحدهما عن جابر، والآخر عن زيد بن أرقم، ثم علق عليه بقوله: «حديث غريب حسن». 

فأنت ترى أن اللفظة (عترتي ) في حديث الترمذي لا تبلغ درجة الصحة إلا بالكاد. ولكن يبدو أن الدكتور عدنان يتلقى معلوماته أحياناً من مواقع الشيعة، التي تنسب إلى كتب الحديث ما ليس فيها، للأسف. 

وما كان لي أن أتحدث في هذا الموضوع، لولا أن بعض دعاة التشيع يزعم يومياً ــ وبإصرار منكر ــ على الزعم بأن هذا الحديث متواتر. مما يعني أنه يريد أن يجعله في مكانة القرآن من حيث الاحتجاج. 

والنتيجة أن حديث (العترة) حديث حسن فقط ــ بل هو حتى حسن غريب ــ وليس في رواية أيٍّ من الشيخين، كما زعم الدكتور عدنان إبراهيم للأسف. بل إن من رواه في كتب السنن، أكد أنه ليس متواترا، بل حتى إنه ليس صحيحا صحة تمنع انتقاده. 

وبذلك فهو ليس أصح من حديث (وسنتي). 

والله أعلم.