نحو استعادة الوعي


في حدود الطاعة

 

يروي الشيخ كشك ـ وهو ليس متهماً بمعرفة الحديث النبوي ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن أحد الصالحين سافر للتجارة، فأوصى زوجته ألا تخرج من بيتها حتى يعود. فأتاها أخوها يدعوها لزيارة أبيها المحتضر، فرفضت الخروج وقالت لأخيها أن يستأذن رسول الله في ذلك. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: يا هذا أخبر أختك أن طاعة زوجها خير من زيارتها لأبيها. ثم مات الأب فلم يسمح لها رسول الله بوداعه، طاعة لزوجها. ثم حضر زوجها من سفره، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبر زوجتك بأن الله قد غفر لأبيها إكراماً لطاعتها لك.

والآن قبل النقد يجدر بنا معرفة درجة هذا الحديث الذي يرويه الواعظ كشك، فالمرحوم لم يكن يوماً متهماً بالضلوع في معرفة ما يروي.

هذا الحديث ليس مروياً في أي من دواوين السنة المعتبرة، بل رواه (ابن بطة) عن يزيد بن هارون، عن يوسف بن عطية، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك"

*ورواه عن يوسف بن عطية هذا عمرو بن زيد النيسابوري، عنه الحسين بن عبد الله.

أولاً: نقد السند:

1ـ يوسف بن عطية الباهلي الوراق المكنى بأبي المنذر. يقول عنه علماء الرجال ما يأتي:

قال عنه ابن عدي: كوفي كذاب أحاديثه غير محفوظة.

وقال الحافظ المزي: كذاب روى أحاديث منكرة عن قوم معروفين.

وقال البخاري وأبو حاتم: ضعيف.

وقال النسائي: ليس بثقة.

وقال الدارقطني: هما اثنان أحدهما كوفي والآخر بصري وكلاهما متروكان.

وقال أحمد والحاكم: ليس بالقوى.

وقال يحيى بن معين: ليس بشيء.

*الخلاصة في يوسف بن عطية أنه كذاب، لأن من جرحوه بينوا أسباب الجرح تفصيلاً. كما يرى كل من يقرأ في الكتب أسباب تكذيبهم إياه.

2ـ الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، أبو عبد الله المدني.

قال عنه أحمد بن حنبل: له أشياء منكرة.

وقال يحيى بن معين: ضعيف.

وقال البخاري: متروك الحديث. وكان يُتهم بالزندقة.

وقال أبو زُرعة: ليس بقوي.

وقال أبو حاتم: ضعيف، لا يُحتج به.

وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: لا يُشتَغَلُ بحديثه.

وقال النسائي: متروك.

*الخلاصة في الحسين بن عبد الله أنه ضعيف لا يُحفظ حديثه.

خلاصة نقد السند:

إذن فلدينا في هذا السند كذاب وضعيف. وإن في هذا لعمري لدليلا أقوى من القوي، نحتج به على أن هذا الحديث مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثانياً: نقد المتن:

هذا الحديث يخالف القرآن الكريم، الذي أمر ببر الوالدين، واشترط على كل طاعة أن تكون في المعروف. ولا شك أن من أعق العقوق امتناع المرأة عن زيارة أبيها المحتضر. كما أن من أفحش الكذب على الله، أن يُقال بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقر أمر زوجها إياها بهذه الكبيرة، بل أمره الزوجة أن تطيعه فترتكب كبيرة عقوق الوالدين.

لكن أتدرون ما هو أشر الشرور في ذلك؟ أن يقال بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل جزاء هذا العقوق الجنة!

نعوذ بالله ان يقول رسول الله هذا الكلام.

ثالثاً: الأثر الاجتماعي:

لا شك أن تأثير هذا الحديث ـ إذ يرويه خطيب شعبوي مثل كشك ـ على جمهور بسيط من العامة، سوف يكون هائلاً: إذ سيأمرون نساءهم بطاعتهم في عقوق الوالدين. وسوف تصدق النساء أن عقوق الوالدين جزاؤه الجنة. وسوف تقبل النساء بامتهان كرامتهن، فيتحولن إلى إماء مستعبدات لأزواجهن، على غير ما أمر الله.

سبحانك هذا بهتان عظيم.

ولكي لا يقول الحمقى إن الشيخ كشك لم يقل، فهذا هو الرابط

https://www.youtube.com/watch?v=eP6Zh7TCcto